قبل أيام دخلت منصة «إكس»، وشاهدت عددًا رهيبًا من الصور الغريبة. في البداية ظننتها لقطات حقيقية التُقطت بكاميرا رقمية، لكن مع كثرة التمرير في التايم لاين ظهرت صور أشد غرابة: فتاة مع زوجها في مشهد يفترض أن يبقى خاص بينهما، ومع ذلك ينشرها الحساب بكل بساطة. بعدها صادفت صور أربكتني قليلًا: الفنان ماجد المهندس بجانب فتاة مجهولة، وشاب يقترب جدًا من الفنانة إليسا، بالجودة المصقولة نفسها. عندها أستوعبت وربطت المحتوى كله بتقنيات الذكاء الاصطناعي (AI).


الأمر ازداد غرابة حين صادفت منشور فيه صورة مولدة تجمع شخص مع شريكه السابق، ونشرها للجميع بدون موافقة أو مراعاة للخصوصية. هذا غير العدد المهول من صور المشاهير التي تظهر في سياقات غير لائقة.


قرأت بعض التعليقات على تلك الصور المنشورة، وكان المدهش أن الأصوات المنتبهة لأخلاقيات هذا المحتوى قليلة جدًا. تعليق وحيد حذّر من خطورة الركض الأعمى خلف هذا النوع من النشر، فقوبل بردود ساخرة: «العمه اللي تقفل باب المسبح» لول، «ما فيها شيء just for fun».


هناك دائمًا خطوط ينبغي ألا نتجاوزها، حفاظًا على مشاعرنا، وعلى حقوق الآخرين (أيًا كانوا). التقنيات الجديدة ليست مبررًا لتطبيع التعدّي على الخصوصية أو للتلاعب بالعلاقات من أجل فضول لحظي أو «ترند». استخدم أدوات الذكاء الاصطناعي فيما ينفعك ويعينك على أهدافك اليومية، لا لتعرية خصوصيتك على الملأ. ولن تتأخر عن شيء إذا لم تشارك في كل موجة؛ المسألة ليست سباقًا، وليس كل سباق يتوافق مع مبادئك. وتذكّر أن هناك شخصيات مندفعة لا تُشبهك، تنشر كل ما يخطر ببالها طلبًا لاهتمام سريع ولحظي، وهذا لا يجعل السلوك صحيحًا ولا يُلزمك اللحاق به.


ولا أكاد أرى حملات مجتمعية أو وطنية كافية للتوعية بأخلاقيات استخدام أدوات الـ(AI)، ولا مواد قانونية واضحة (على نحو مبسّط ومتاح) تُناقش مسألة نشر صورة مركّبة تجمع شخصًا بآخر دون علمه. نحتاج خطابًا أخلاقيًا عمليًا يصل للطلبة في المؤسسات التعليمية وللجمهور في المنصات، يذكّر بأن الموافقة الصريحة حق أساسي، وأن السخرية لا تبرر انتهاك الخصوصية، وأن صورة واحدة قد تُحدث أثرًا نفسيًا كبيرًا، وأن التحقّق قبل المشاركة مسؤولية لا تقل عن الإبداع نفسه.


لسنا ضدّ الجديد؛ نحن ضدّ الأذى. خذ من التقنية ما يخدمك واترك ما يجرح غيرك. وهذا كلّه لا ينافي الاستخدام اللطيف والمسؤول لهذه التقنية؛ فهناك من يضع صورته إلى جانب صديقه، أو إلى جانب نفسه وهو صغير، وغيرها من أمثلة آمنة تحفظ المعنى ولا تُسيء لأحد.