وجدت منشور عليه تفاعل عالي على منصة (إكس) قبل أيام، وعندما تفحصته تبين لي بأنه لصانعة محتوى تنشر تحديات لتبيين قدرتها على تناول وجبة دسمة في وقت قياسي، وتذكرتها فورًا بسبب الجدل المنتشر على محتواها المشكوك وظهورها الإعلامي المحرج، لا سيما أنها تدّعي بأنها مختصة في الغذاء (أخصائية تغذية).

وصلت لشهرة كبيرة في فترة بسيطة، على حساب الانتقادات والغرابة في الطرح.

وهذه طريقة سهلة لكسب الاهتمام والمال في هذا الزمن، ولكنّها مكلفة لحياة صاحبها.


عندما نشرت هذا الرد: «محتواها غير مفيد ولا هو شيّق، بل بالعكس مزعج وضار. علينا تكريم الطعام وعدم وضعه في إطار التحديات والمنافسات (بإستثناء مسابقات الطبخ). قد يكون الشخص المنجرف خلف هذا النوع من المحتوى، يعاني من أحد اضطرابات الأكل، ولم يجد الدعم المناسب؛ فقام بإظهار مشكلته تحت مسمى تحدي. الله يحمي الجميع.»

تفاجأت بغزو جيوش من المدافعين عن رنا، مما جعلني أتساءَل؛ هل أنا قسيت على شخصها؟ أم تحدثت عن سلوكها؟ هل أنا تحدثت عنها لأنها بس «بنت»؟ مثل معظم التعليقات اللي تشبه هذا التعليق: «مشكلتكم معها لأنها بنت عشان كذا تنتقدوها.» وهذا الأمر أثار استغرابي أكثر، على الرغم من معرفتي بأن (تعليقات بعض مستخدمين التواصل الاجتماعي) ماهي إلا نسخ ولصق وتقليد أعمى لوجهات نظر الآخرين.


لم أفهم سبب دفاعهم عنها لمجرّد أنها فتاة؟

لحين وجدت تعليق آخر وضّح لي الأمر بشكل أكبر: «وسحس ليش ما حطيت صورته جنب رنا؟» عندها فهمت.

أنا تحدثت عن رنا بالتحديد، لأسباب، منها:

1- الجدل حول مصداقيتها في التحديات التي تقوم بها من الأساس. (أعتقد بأن هذه الجزئية مبالغ فيها)

2- آرائها الخاصة عن السمنة والأكل والتي تعتبر غير صحيحة وغير صحية. (السمنة تأتي بسبب طريقة التفكير، وليس بسبب كميات الطعام — الأكل لا يسبب السمنة، الخوف يسببها)

3- تشويه صورة الطعام والخروج عن آدابه. (منظر سرعة تناولها وتناثر الوجبة أمامها)

4- التأثير السلبي الناتج عن مشاهداتها المليونية. (تقليد الصِغار لأي شيء فيه كلمة «تحدي»)


كما أنني ذكرت في النص المرفق عند ردي الأول: «علينا تكريم الطعام وعدم وضعه في إطار التحديات.» وهذا يشمل رأيي حول جميع صنّاع المحتوى غير المفيدين الذين يعبثون بالنعمة ولا يقدرونها حق التقدير، كما هو ظاهر لنا في تلك المقاطع — سواءً سحس أو رنا أو أي شخص من المندفعين في هذا النوع من الصناعة؛ لا أدعم من يشوّه صورة الطعام ويجعله أداة للترفيه، وكأنه ليس حاجة أساسية نحتاجها، لنتغذى.


في أحد اللقاءات التي ظهرت فيها رنا، ذكرت بأنها لم تحصل على تشخيص بأحد اضطرابات الأكل، وفي لقاء آخر ذكرت بأنها سبق وجربت التقيء؛ وكان غير مساعد لها على حد قولها: «جربت فعلًا أني أكل الأكل وأستفرغه، بس اللي حصل بالتالي أن صحتي تدهورت، جاني نزيف في المعدة وتقرحات.»

أنا لا أحب الحكم على الناس، بل أفضّل فهمهم ومحاولة مساعدتهم.

وعندما أشاهد شخصًا ما يعاني في علاقته مع الأكل وصورة الجسد، أرغب بتقديم المساعدة له أو حثه على خيار طلب المساعدة التخصصية.


حذفت العديد من التعليقات المندفعة، بسبب التشابه الغريب في تعليقهم.

أنا أتحدث عن خطورة الفعل، وهم يميلون لفهم الأمر على أنه: «لأنها بنت، عشان كذا تنتقدها.» وهذي من أغرب الظواهر الاجتماعية في منصات التواصل، التي تبين كسل صارخ في محاولة الفهم.


علاقتنا مع الطعام مهم أن تظل وتبقى «علاقة طبيعية». عندما نشعر بالجوع الفسيولوجي علينا أن نستجيب، ونذهب لتناول كمية مناسبة تشعرنا بالشبع.


المزعج أيضًا أن هناك أطفال ومراهقين، ينظرون لهذا النوع من المحتوى ويقلّدونه نتيجة التأثير، والغريب أن هنالك فتاة بالغة شاهدتُ مقطع لها وهي تأكل «زبدة» تقليدًا لأحد مقاطع رنا، والخافي قد يكون أكبر وأسوأ. فضول ثم تطبيق، بسبب تأثير غير مفيد.

تخيّل أنك تأكل كمية كبيرة من الطعام من دون مضغ كافي، عشان تلحق وتسبق الثواني، حتمًا هذا السلوك يأثّر على هضم الطعام، ويسبب مخاطر صحية لا تعد ولا تحصى.


نحن نتحدث عن سلوك رنا، الظاهر لنا. ولم ننتقدها بسبب أنها فتاة، بل لأنها تنشر ذلك المحتوى غير المسؤول للعامة، ولا يوجد تنبيهات تحذيرية واضحة، قبل أن تبدأ في صراعها مع نفسها، من أجل المزيد والمزيد من الإعجابات.